- اتصل بنا: 01068973262
- support@taj-alkarama.com
تهذيب الأداء بدراسة الوقف والابتداء

- منذ سنة
- تجويد
- 374
** مقدمة عن الوقف والابتداء **
( أ ) أهمية الوقف والابتداء
يعد علم الوقف والابتداءمن أهم الموضوعات التى لابد لحامل القرآن بل ولكل قارىء معرفتها ومراعاتها فى قراءته
وقد أوجب المتقدمون ـ من الرعيل الأول ـ أى جعلوه واجباً ـ على القارىء معرفة الوقف والابتداء
فقد سئل الإمام على ـ رضى الله تعالى عنه ـ عن قول الله تعالى(( ورتل القرآن ترتيلاً ))المزمل /4
فقال :الترتيل هو : تجويد الحروف ، ومعرفة الوقوف
وها هو ابن عمر ـ رضى الله تعالى عنهما ـ يقول (( لقد عشنا برهة من دهرنا ، وإن أحدنا ليؤتى الإيمان قبل القرآن ، وتنزل السورة على محمد ـ صلى الله تعالى عليه وسلم ـ فنتعلم حلالها وحرامها ، وما ينبغى أن يوقف عنده منها ، كما تتعلمون أنتم اليوم القران، ولقد رأينا اليوم رجالاً يؤتى أحدهم القرآن قبل الإيمان فيقرأ ما بين فاتحته إلى خاتمته ، ما يدرى ما أمره ولا زاجره ، ولا ما ينبغى أن يوقف عنده ، وكل حرف منه ينادى : أنا رسول الله تعالى إليك لتعمل بى وتتعظ بمواعظى )) / منار الهدى
وقد علق الإمام ابن الجزرى ـ رحمه الله تعالى على هذا فقال : ( وفى كلام ابن عمر برهان على أن فى تعلمه ـ أى الوقف والابتداء إجماعاً من الصحابة الكرام ـ رضى الله تعالى عنهم جميعاً ) ـ / النشر
وقال أيضاً ـ رحمه الله تعالى ـ ( ومن ثم اشترط كثير من أئمة الخلف على المجيز ألا يجيز أحداً إلا بعد معرفة الوقف والابتداء ، وكان أئمتنا يوقفوننا عند كل حرف ويشيرون إلينا فيه بالأصابع سنة أخذوها كذلك عن شيوخهم الأولين ـ رحمهم الله تعالى جميعاً
وقد أورد الإمام ابن الجزرى ـ رحمه الله تعالى ـ فى كتابه / النشر قوله :ففى كلام الله تعالى دليل وجوب تعلمه ومعرفته
وقال فى مقدمته / المقدمة الجزرية :
وبعد تجويدك للحروف لابد من معرفة الوقوف
والابتدا ............... .........................
وقال الإمام الأنبارى ـ رحمه الله تعالى ـ ( من تمام معرفة القرآن معرفة الوقف والابتداء ، إذ لا يتأتى لأحد معرفة معانى القرآن إلا بمعرفة الفواصل ، فهذا أدل دليل على وجوب تعلمه وتعليمه ) / منار الهدى
وعن عدى بن حاتم ـ رضى الله تعالى عنه قال : (جاء رجلان إلى رسول الله ـ صلى الله تعالى عليه وسلم ـ فتشهد أحدهما فقال : (( من يطع الرسول فقد رشد ومن يعصهما .) ( فقد غوى )
فقال رسول الله ـ صلى الله تعالى عليه وسلم ـ : (( قم أو اذهب فبئس الخطيب أنت )) ..............رواه مسلم
ويقول الحافظ أبو عمرو الدانى ـ رحمه الله تعالى ـ : ( ففى هذا الخبر دليل إيذان بكراهية القطع على المستبشع من اللفظ ـ أى المستقبح ـ المتعلق بما يبين حقيقته ، ويدل على المراد منه لأنه ـ صلى الله تعالى عليه وسلم إنما أقام الخطيب ـ أى أمره بالقيام ـ لما قطع على ما يقبح لأنه بقطعه قد جمع بين حال من أطاع وحال من عصى ، ولم يفصل بين ذلك ، و إنما كان ينبغى له أن يفصل بين ذلك ، أى يقطع على قوله فقد رشد ثم يستأنف ما بعد ذلك ويصل كلامه إلى آخره ( ومن يعصهما فقد غوى )
وإذا كان ذلك يستقبح فى كلامنا الجارى بين المخلوقين فهو فى كتاب رب العالمين وكلامه تعالى يكون أشد كراهية واستبشاعاً وأحق وأولى أن يجتنب ) / المكتفى
( ب ) علاقة الوقف والابتداء بسائر العلوم
قال ابن مجاهد ـ رحمه الله تعالى ـ لا يقوم بالتمامفى الوقف إلا :
نحوى ، عالم بالقراءات ، عالم بالتفسير والقصص وتخليص بعضها من بعض ، عالم باللغة التى نزل بها القرآن الكريم ، وكذلك عالم بالفقه
( ج ) علم الوقف والابتداء بحرٌ لا يدعى أحدٌ الكمال فيه
جاء فى التقرير العلمى لمصحف المدينة المنورة :
(( وقد صار هذا الشأن عِلماً جليلاً ، صُنفت فيه المصنفات ، وحررت مسائله وغوامضه، إلا أنه مع ذلك فهو يعد مجالاً واسعاً لإعمال الفكر والنظر لأنه يبنى على الإجتهاد فى فهم معانى الآيات القرآنية وفهم مراميها وتجلية غوامضها ، وهذا ما جعل اللجنة عند مراجعة الوقوف فى المصحف تحتاج أكثر ما تحتاج من المصادر إلى كتب التفسير ، وقد ذكر التقرير العلمى أن الوقف والابتداء بحرٌ لا يدرك ساحله ولا يوصل إلى غوره ، وإن اللجنة قد بذلت جهدها
قدر الوسع والطاقة ، وحررت ما أمكن لها تحريره من الوقف دون أن تدعى حصر ذلك ولا بلوغ الكمال فيه ، إذ بقى فيه مجال لأهل العلم ممن أوتى حظاً من العلوم التى ذكرها ابن مجاهد أن يتكلم فيه ))/ التقرير العلمى 1405 هـ
** تعريف الوقف ، وأنواعه **
** لـــــغةً : الكف والحبس
** أما اصطلاحاً : فهو قطع الصوت عند آخر الكلمة زمناً يتسع للتنفس ، بنية استئناف القراءة .
** أنواعه : أما عن أنواعه فخمسة أنواع :
(( اختبارى / اضطرارى / انتظارى / تعريفى / اختيارى ))
( 1 ) *** الوقف الاختبارى : هو ما يطلب من القارىء بقصد الامتحان ، كالمقطوع والموصول ، والتاءات المبسوطة ، والمحذوف من حروف المد
** حكمه : يجوز الوقف عنده لكن لا يجوز البدء بما بعده ، بل يبدأ القارىء بما وقف عليه ويصله بما بعده إن صلح الابتداء وإلا فليبتدىء بما قبله من حيث يحسن البدء
( 2 ) *** الوقف الاضطرارى : وهو ما يضطر القارىء للوقف عنده بسبب ضرورة ألجأته إلى الوقف مثل انقطاع النفس ، أو العطاس ، أو السعال ، أو النسيان ، أو غلبة البكاء .
** حكمه : يجوز الوقف عنده حتى وإن لم يتم المعنى ـ لأن القارىء مضطر وليس بإرادته ، وبعد ذهاب الضرورة التى ألجأته إلى الوقف على هذه الكلمة يبتدىء بالكلمة التى وقف عليها ويصلها بما بعدها إن صلح الابدء بها وإلا فليبتدىء بما قبلها من حيث يحسن البدء .
( 3 ) *** الوقف التعريفى : وهو ما تركب من الاضطرارى والاختبارى ، كأن يقف القارىء لتعليم قارىء أو لإجابة ممتحن ، أو لإعلام غيره بكيفية الوقف .
** حكمه : يجوز الوقف عنده ، لكن لا يجوز البدء بما بعده ، بل يبدأ القارىء بما قبله من حيث يحسن البدء .
( 4 ) *** الوقف الانتظارى : وهو الوقف على كلمات الخلاف ، وذلك بقصد استيفاء ما فيها من أوجه وذلك لمن يقرأ بجمع الروايات .
( 5 ) *** الوقف الاختيارى : وهو الوقف بمحض اختيار القارىء من غير ضرورة ولا اختبار ولا تعريف ولا انتظار ـ وهذا النوع هو المعنى بالوقف إذا ما أطلقت كلمة الوقف ـ
** حكمه : قد يبدأ بما بعد الكلمة الموقوف عليها ، وقد لا يبدأ بأن توصل بما بعدها ، وهذا النوع من الوقف هو المقصود والمعنى بالذكر هنا ، وإن أطلقت كلمة ـ الوقف ـ ولم تقيد بنوع فمعلومٌ أنه يقصد بها ـ الوقف الاختيارى ـ
*** مقدمة عن الوقف الاختيارى ***
سبق أن عرفنا معنى الوقف الاختيارى لكن هنا نعرض لأنواعه :
قال الإمام ـ أبو عمرو الدانى ـ فى كتابه ـ المكتفى فى معرفة الوقف والابتدا ـ :
(( ينقسم الوقف عند أكثر القراء إلى أربعة أقسام : تام ـ كاف ـ حسن ـ قبيح ))
وقال الإمام بن الجزرى فى مقدمته :
وبعد تجويدك للحروفِ *** لابد من معرفة الوقوفِ
والابتدا وهى تقسم إذن *** ثلاثةٌ تامٌ وكافٍ وحسن
وهى لما تم فإن لم يوجدِ *** تعلقٌ أو كان معنىً فابتدى
فالتامُ فالكافى ولفظاً فامنعن *** إلا رؤوس الآى جوز فالحسن
وغيرُ ما تم قبيحٌ وله *** يوقفُ مضطراً ويبدى قبله
وليس فى القرآن من وقفٍ وجب *** ولا حرامٌ غير ما له سبب
وعند الإمام الأنبارى أنه ثلاثة أنواع فقط (( تام ، وحسن ، وقبيح ))
وعند الإمام السجاوندى أنه خمسة أنواع (( لازم (م) ، مطلق (ط) ، جائز (ج) ، مجوز بوجه (ز) ، مرخص ضرورة (ص)
وعند الإمام بن النحاس خمسة أنواع : ((تام ، كاف ، حسن ، صالح ، قبيح ))
وعند الإمام الأشمونى خمسة أنواع : ((تام وأتم ، كاف وأكفى ،وحسن وأحسن ، وصالح وأصلح ، وقبيح وأقبح ))
وعند الإمام الأنصارى ثمانية أنواع : ((تام ،حسن ،كاف ، صالح ، مفهوم ، جائز ، بيان ، قبيح ))
** والمختار لدينا بإذن الله تعالى أنه خمسة أنواع :
(( لازم ، تام ، كاف ، حسن ، قبيح ))
*** حكم الوقف على رؤوس الآيات ***
معلوم أن الوقف على رؤوس الآيات سنة متبعة ، ودليل ذلك ما ثبت عن أم المؤمنين أم سلمة ـ رضى الله تعالى عنها ـ أنها سئلت عن قراءة النبى ـ صلى الله تعالى عليه وسلم فقالت : ( كان يُقَطِّع قراءته آيةً آية (( يسم الله الرحمن الرحيم (1) الحمد لله رب العلمين (2) الرحمن الرحيم (3) ملك يوم الدين (4) )) ...........رواه أبو داوود والترمذى
وهذا الحديث متصل الإسناد أصلٌ معتمدٌ فى الوقف على رؤوس الآيات
*** حكم التقيد بعلامات المصاحف ***
يقول الدكتور / عبد العزيز القارىء ـ عميد كلية القرآن الكريم بالمدينة المنورة سلبقاً ، ورئيس لجنة مراجعة مصحف المدينة المنورة يقول :
رموز المصحف لم توضع على سائر المواضع التى ينبغى أن توضع فيها رموز وإلا لكثر ذلك فى المصحف ، وشوش على قارىء القرآن ، وإنما وضعت على مواضع منتقاة ، إما من أجل التنبيه إليها ، وإما من أجل حاجتها الماسة إلى بيان حكم الوقف فيها
ولا يعنى ذلك أن باقى المواضع ما دام لم يوضع عليها رمز لا يوقف عليها ، فهذا قياسٌ غير صحيح ، وأما باقى المواضع فى القرآن الكريم فإن القارىء المرتِّل بنفسه يقيسها على ما وضع عليه رمز الوقف ن فيكون القارىء قد تمرس بفهم المعانى ، وإدراك فواصل المعانى فعنئذٍ يتولى هو تحديد مواضع الوقف ورموزها
*** قواعد فى المتعلقات اللفظية ***
هذا العلم يقوم على عدم الفصل بين المتعلقات اللفظية ،
ويقصد بالمتعلقات اللفظية هنا الكلمات التى يربط بينها ـ الإعراب ـ ويتطلب ذلك دراسة القواعد النحوية ومن أمثلة ذلك :
** عدم الفصل بين المبتدأ وخبره **
فمعلومٌ عند أهل اللغة أن كل اسم ابتدىء به الكلام يسمى مبتدأ وأن كل مبتدأ لابد له من خبر وإلا لا يعد كلاما مفهوماً ، وهذا الرابط بين المبتدأ والخبر يسمى ـ التعلق اللفظى ـ ، فلو قطعنا الكلام بينهما لانقطعت العلاقة اللفظية ويترتب على ذلك عدم فهم الكلام
مثال ذلك :
(( الحمد لله رب العالمين ))
فلا يوقف على ( الحمد ) فهى المبتدأ
فلو طرح سؤال : الحمد ماذا ؟
لكان الجواب : لله رب العالمي
** عدم الفصل بين اسم إن وخبرها **
معلومٌ أيضاً عند أهل اللغة أن ( إن وأخواتها ) لابد لها من متعلقين هما ( اسمها وخبرها ) فلا يفصل بين اسمها وخبرها وإلا لا يفهم الكلام ويسمى هذا أيضاً ـ التعلق اللفظى ـ
مثال ذلك :
(( إن فى خلق السموات والأرخ واختلف الليل والنهار والفلك .......... لآيت لقومٍ يعقلون ))
تدرون أين اسم إن ؟
إنها كلمة ـ لآيات
إذن لا وقف قبل كلمة ـ لآيات ـ إلا أن يكون اضطراريا ويبدأ القارىء بما قبله من حيث يحسن البدأ
** عدم الفصل بين الفعل وفاعله **
فكل فعلٍ لابد له من فاعل ، فلا يكون فعلاً إلا ولابد أن يكون له فاعلاً ظاهراً كان أو مقدراً ، وهذا الارتباط يسمى ـ التعلق اللفظى ـ
مثال ذلك :(( سبح لله ما فى السموات وما فى الأرض وهو العزيز الحكيم ))
الفصل بين الفعل ـ سبح ـ والفاعل ـ ما فى السموات والأرض ـ
** عدم الفصل بين الفعل والمفعول **
مثال :
(( إن الله لا يهدى القوم الظالمين ))
عدم الوقف على كلمة ـ يهدى ـ
فلو طرحنا سؤالاً : الله لا يهدى من ؟
لكان الرد : القوم الظالمين
** عدم الفصل بين الشرط وجوابه **
مثال ذلك :
(( ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذى جاءك من العلم مالك من الله من ولى ولانصير ))
فالوقف على كلمة العلم هو فصل بين الشرط وجوابه
فإن طرحنا سؤالاً : ما جزاؤه إن اتبع أهواءهم؟
لكان الجواب : ( ما لك من الله من ولى ولا نصير )
** عدم الفصل بين التمنى وجوابه **
مثال ذلك :
(( ولئن أصابكم فضلٌ من الله ليقولن كأن لم تكن بينكم وبينه مودةٌ يا ليتنى كنت معهم فأفوز فوزاً عظيماً ))
فلا يوقف على ـ فأفوز ـ لأنها جوابٌ للتمنى
فلو طرحنا سؤالاً : لماذا يتمنى الكافر أن يكون معهم ؟
لكان الجواب :
( فأفوز فوزاً عظيماً )
** عدم الفصل بين اسم كان وخبرها **
مثال ذلك :
(( لقد كان لكم فى رسول الله أسوةٌ حسنةٌ لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً ))
فاسم كان هنا ـ أسوةٌ ـ وخبرها ـ فى رسول الله ـ
ولو طرحنا سؤالاً : ماذا لنا فى رسول الله ـ صلى الله تعالى عليه وسلم ـ ؟
لكان الجواب (( أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر ))
** عدم الفصل بين الصفة والموصوف ، وإن تعددت الصفات **
مثال ذلك :
(( وإذ قالت أمةٌ منهم لم تعظون قوماً الله مهلكهم أو معذبهم عذاباً شديداً .... ))
فقوله تعالى ـ الله مهلكهم ـ صفة لـ ـ قوماً ـ
ولو طرحنا سؤالاً : ما صفة القوم ؟
لكان الجواب : ـ الله مهلكهم أو معذبهم عذاباً شديداً ـ
وقوله تعالى ((الزجاجة كأنها كوكبٌ درىٌّ يوقد من شجرةٍ مباركةٍ زيتونةٍ لا شرقيةٍ ولا غربيةٍ يكاد زيتها يضىء ولو لم تمسسه نار ))
جملة ـ يكاد زيتها يضىء ـ صفة لـ ـ شجرةٍ ـ وإن كانت الصفة الخامسة بترتيب الآية .
** عدم الفصل بين القسم وجوابه **
مثال ذلك : قوله تعالى :
(( والمرسلت عرفاً (1) ...............................عذراً أو نذراً (6) إنما توعدون لواقع ))
فلا يوقف على ( نذراً ) لأن جملة ( إنما توعدون لواقع ) هى جواب القسم
فلو طرحنا سؤالاً : ما جواب القسم ؟ لكان الرد : ( إنما توعدون لواقع )
** عدم الفصل بين عطف المفردات **
مثال ذلك : قوله تعالى :
(( إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتلت والصادقين و......... ))
فلا يوقف على ( والصادقات ) إنما الوقف على ( أعد الله لهم مغفرةً وأجراً عظيماً )
لأنه خبر ( إن ) ، ولتقريب المعن ، لو طرحنا سؤالاً : ما شأن هؤلاء؟ لكان الرد : ( أعد الله لهم .............)
** عدم الفصل بين عطف الجمل التى تمثل وحدة واحدة **
مثال ذلك قوله تعالى :
((إن فى خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك...................))
فلا وقف إلا على ( لأآيات لقومٍ يعقلون ) ، وذلك لأن كل هذه الجمل تنتظر اسم ( إن ) ومعلومٌ أن خبر ‘ن متقدم مذكور ( فى خلق السموات والأرض )
ولتقريب المعنى نطرح سؤالاً: ماذا فى خلق السموات والأرض ؟ فيكون الرد ( لآيات لقومٍ يعقلون)
** عدم الفصل بين البدل والمبدل منه **
مثال ذلك قوله تعالى : (( إن الله لا يستحى أن يضرب مثلاً ما بعوضةً فما فوقها ....))
(ما) هنا زائدة مؤكدة لا يعتد بها ، أما ( بعوضة ) فهى بدل من ( مثلا ) فلا يوقف عنده
والسؤال : ما المثل الذى لا يستحى الله تعالى أن يضربه ؟
والجواب : ( بوضةً فما فوقها )
** عدم الفصل بين الحال وصاحبه **
مثال ذلك قوله تعالى : (( قل من حرم زينة الله التى أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هى للذين آمنوا فى الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة ...))
فلا يجوز الوقف على ( الدنيا ) لأن ( خالصةً ) حال .
والسؤال : كيف هى للذين آمنوا يوم القيامة ؟والجواب ( خالصة يوم القيامة )
**عدم الفصل بين القول ومقوله **
مثال ذلك قوله تعالى :(( لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقيرٌ ونحن أغنياء .....))
فلا فصل بين ( قالوا ) و ( إن الله....)
لأن ما بعده من مقول ما قبله .
** عدم الفصل بين المستثنى والمستثنى منه **
مثال ذلك قوله تعالى : ((لئلا يكون للناس عليكم حجةٌ إلا الذين ظلموا منهم .....))
فلا وقف على ( حجة ) لأن ما بعده ( إلا الذين ظلموا منهم ) مستثنى مما قبله
وإن كان هناك من الاستثناء ما هو منقطع وهوما إذا كان المستثنى من غير جنس المستثنى منه ، وتكون ساعتها ( إلا ) بمعنى ( لكن ) فعندها يجوز الابتداء به
** عدم الفصل بين المشبه والمشبه به **
مثال ذلك قوله تعالى : ((لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذى ينفق ماله رئاء الناس ......))
فلا وقف على ( الأذى ) لأنها مشبه والمشبه به ( كالذى ينفق ماله ............)
** عدم الفصل بين الظرف ومعموله **
مثال ذلك قوله تعالى : ((وقال لا غالب لكم اليوم من الناس وإنى جارٌ لكم ...))
الوقف على ( اليوم ) وهو ظرف زمان ، وعامله ( لا غالب لكم ) فهى متعلقة بها
فلو قلنا : لا غالب لكم متى ؟ لكان الجواب : ( اليوم )
** عدم الفصل بين التمييز والمميز **
مثال ذلك قوله تعالى (( وواعدنا موسى ثلاثين ليلةً ......))
فلا وقف على ( ثلاثين )
** عدم الفصل بين الصلة والموصول **
مثال ذلك قوله تعالى : ((الذى جعل لكم الأرض فراشاً و...............))
فلا يوقف على ( الذى ) فهو الصلة ، والوصول هو ( جعل لكم الأرض فراشاً ........
** توضــــــــــــــــــــيح **
الإمام ابن الجزرى فى كتابه الماتع النافع ( النشر ) قال :
( قول الأئمة عدم الوقف على المضاف دون المضاف إليه ، وعلى الفعل دون الفاعل ، ..................إلى آخر ما ذكروه ، إنما يريدون بذلك الجواز الأدائى ،وهو الذى يحسن فى القراءة ويروق فى التلاوة ، ولا يريدون بذلك أنه حرام ولا مكروه ولا ما يؤثم عليه بل أرادوا بذلك الوقف الإختيارى الذى يبتدأ بما بعده
وكذلك لا يريدون بذلك أنه لا يوقف عليه البته ، فقد يضطر القارىء إليه أو إلى الوقف عليه فساعتها يجوز الوقف عليه بلا خلاف عند أحدٍ منهم ، لكن يعتمد فى الابتداء إلى العودة إلى ما قبله من حيث يحسن البدء ، ولكن إن قصد تحريف المعنى عن مواضعه وخلاف المعنى الذى أراده الله تعالى فإنه ـ عياذاً بالله تعالى ـ يحرم عليه ويجب ردعه بحسبه على ما تقتضيه الشريعة الإسلامية المطهرة ، والله تعالى أعلم ) اهـ
أنشطة تدريبية
(( ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنك إذاً لمن الظالمين ))
عدم الوقف على ( العلم )
((فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذى أنزل معه أولئك هم المفلحون ))
عدم الوقف على (معه )
((إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس فى الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون ))
عدم الوقف على (الكتاب )
(( ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعاً وأن الله شديد العذاب ))
عدم الوقف على (العذاب )
(( حتى إذا كنتم فى الفلك وجرين بهم بريحٍ طيبةٍ وفرحوا بها جاءتها ريحٌ عاصفٌ وجاءهم الموت من كل مكانٍ وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله محلصين له الدسن لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين ))
عدم الوقف على (بهم )
(( إنا أرسلنا إليكم رسولاً شاهداً عليكم .....))
عدم الوقف على ( رسولاً )
(( وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابةً من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون ))
عدم الوقف على ( تكلمهم )
(( ياأيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى .))
عدم الوقف على ( الصلاة )
(( ويقول الذين آمنوا أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم إنهم لمعكم ..))
عدم الوقف على ( أيمانهم )
((.أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين ))
عدم الوقف على ( مولانا )
(( قل لا أجد فيما أوحى إلىّ محرماً على طاعمٍ يطعمه إلا أن يكون ميتةً أو دماً مسفوحاً أو لحم خنزيرٍ فإنه رجسٌ أو فسقاً أهل لغير الله به ))
عدم القف على (رجس)
(( كدأب آل فرعون والذين من قبلهمكفروا بآيات الله فأخذهم الله بذنوبهم .))
عدم الوقف على (فرعون )
((ويدرؤ عنها العذاب أن تشهد أربع شهاداتٍ بالله إنه لمن الكاذبين (8) والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين ))
عدم الوقف على (الكاذبين )
(( تبارك الذى إن شاء جعل لك خيراً من ذلك جناتٍ تجرى من تحتها الأنهار ويجعل لك قصوراً)) عدم الوقف على (الأنهار )
** الوقف التام **
تعريفه /الوقف على كلام تم فى معناه ولم يتعلق بما بعده لا لفظاً ولا معنى ، وإذا لم يوقف عنده أخل بالمعنى وأفهم غير المراد .
حكمه / يلزم الوقف عنده والبدء بما بعده
ويرمز له فى المصحف بالرمز ( مـ ) أى لزوم الوقف لتمام المعنى وعدم تعلقه بما بعده لا لفظاً ولا معنى وإخلال المعنى عند الوصل
مثال ذلك فى قوله تعالى :
(( فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلاً يضل به كثيراً ويهدى به كثيراً .......... ))
(( فلا يحزنك قولهم إنا نعلم ما يسرون وما يعلنون ))
وقد يكون فى آخر الآيات مثل قوله تعالى :
((وكذلك حقت كلمت ربك على الذين كفروا أنهم أصحاب النار ))
** الوقف التام **
تعريفه / الوقف على كلام تم فى معناه ( فى ذاته ) ولم يتعلق بما بعده لا لفظاً ولا معنى
دليله /عن أبى بكرة ـ رضى الله تعالى عنه ـ أن جبريل ـ عليه السلام ـ قال يا محمد :اقرأ القرآن على حرف ، قال ميكائيل ـ عليه السلام ـاستزده ،فاستزاده ، قال : اقرأه علىحرفين ؟، قال ميكائيل : استزده ،فاستزاده حتى بلغ سبعة أحرف ، قال كلٌ شافٍ كافٍ ما لم تختم آية عذابٍ برحمة أو رحمةٍ بعذاب
قال الحافظ أبو عمرو :
فهذا تعليم الوقف التام من رسول الله ـ صلى الله تعالى عليه وسلم ـ عن جبريل ـ عليه السلام ، إذ ظاهره يدل على أنه ينبغى أن يقطع على الآية التى فيها ذكر النار والعقاب وتفصل عما بعدها إذا كان ما بعدها ذكر الجنة والثواب
حكمه / وهذا الوقف يحسن الوقف عليه والابتداء بما بعده لأنه لا يتعلق بشىء مما بعده
ويرمز له فى المصحف بالرمز ( قلى ) ، وكما سبق توضيحه أنه هناك مواضع للوقف التام ولم توضع عليها علامات فى المصاحف
** سبب اختيار الرمز ( قلى ) : قالوا أنه اختصار لقولنا ( الوقف أولى ) فأخذ حرف القاف من ( الوقف ) وأخذت (لى ) من ( أولى ) فصارت ( قلى )
** وسمى تاماً لتمام المعنى وكماله عند الكلمة الموقوف عليها وعدم احتياجها لما بعدها لا لفظاً ( إعراباً ) ولا معنى .
*** ثلاث فوائد حول الوقف التام ***
(1)قد يكون الوقف تاماً على تفسير وإعراب ،وقد يكون غير تام على آخر
مثل قول الله تعالى : ((وما يعلم تأويله إلا الله )) على أن ما بعده مستأنف وهو قول بعض الصحابة والسلف فقالوا أن الراسخون فى العلم لا يغلمون تأويل القرآن لكنهم يقولون آمنا به
وهو غير تام عند غيرهم ، والتمام عندهم يكون الوقف على ( العلم ) فهو عندهم معطوف على لفظ الجلالة
(2) قد يكون الوقف تام على قراءة وغير تام على قراءة أخرى مثل قول الله تعالى :
((وإذ جعلنا البيت مثابةً للناس وأمناً ))فالوقف تام على من كسر الخاء
وهو كافٍ لمن قرأ بفتح الخاء .
(3) قد يتفاضل التام فى التمام
مثل قول الله تعالى : ((مالك يوم الدين (5) إياك نعبد وإياك نستعين ))
كلاهما تام إلا أن الأول أتم من الثانى
:
** وجود الوقف التام **
غالباً ما يكون الوقف التام فى الحالات الآتية :
**** وسط الآية ، مثل قول الله تعالى :
(( لقد أضلنى عن الذكر بعد إذ جاءنى وكان الشيطان للإنسان خذولاً ))
**** قرب آخر الآية ، مثل قول الله تعالى :
((وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون ))
لأنه آخر كلام بلقيس ،ثم قال تعالى ( وكذلك يفعلون )
**** فى رؤوس الآيات مثل قول الله تعالى :
(( ملك يوم الدين )) وهى رأس آية
**** بعد رأس الآية بكلمة مثل قول الله تعالى :
(( وإنكم لتمرون عليهم مصبحين (137 ) وباليل أفلا تعقلون ))
فالوقف على ( وباليل ) تمام الكلام وإن كانت ( مصبحين ) هى رأس الآية
** من علامات الوقف التام فى الغالب **
- الابتداء بعده باستفهام فى مثل قول الله تعالى :
(( الله يحكم بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون (69) ألم تعلم أن الله يعلم ما فى السماء والأرض ))
(2)الابتداء بعده بياء النداء مثل الوقف على كلمة ( قدير )
((إن الله على كل شىءٍ قدير (20) ياأيها الناس اعبدوا ربكم
(3)الابتداء بعده بفعل أمر فى مثل قول الله تعالى :
(( ذلك ذكرى للذاكرين (114) واصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين (115) ))
(4)الابتداء بعده بالشرط ، فى مثل قوله تعالى :
((ليس بأمانيكم ولاأمانى أهل الكتاب من يعمل سوءً يجز به .........))
(5)الفصل بين آية رحمة وآية عذاب ، فى مثل قول الله تعالى :
((فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التى وقودها الناس والحجارة أعدت للكفرين (24) وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات ...............))
(6)عند الانتهاء من الاستثناء فى مثل قول الله تعالى :
((أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون (159) إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم (160)إن الذين كفروا وماتوا وهم كفارٌ أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين (161) ))
(7)انتهاء القول فى مثل قول الله تعالى :
((إذ قال لأبيه وقومه ما تعبدون (70)قالوا نعبد أصناماً فنظل لها عاكفين (71) ))
(8)الابتداء بعده بالنفى أو النهى ، فى مثل قول الله تعالى :
(( والله عنده حسن الثواب (195)لا يغرنك تقلب الذين كفروا فى البلاد (196) ))
(9)الفصل بين الصفتين المتضادتين ، فى مثل قول الله تعالى :
((هذا هدى والذين كفروا بآيات ربهم لهم عذابٌ من رجزٍ أليم ))
تام / للابتداء بالحديث عن الكفار ، والعذاب المنتظر لهم بعد الحديث عن الهدى .
*** لطائف بين القراء فى اعتبار الوقف التام **
لطائف مختلف فيها بين التمام وعدم الوقف :
(1)الوقف على (وإسماعيل ) فى قوله تعالى :
((وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت واسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ))
فإذا كان الرفع لإبراهيم وإسماعيل فإن الوقف التام على ( وإسماعيل )
أما من اعتبر الرفع لإبراهيم فقط فيكون التمام على (من البيت ) ويكون الدعاء لإسماعيل
وإن كان الرأى الأول هو رأى أكثر المفسرين .
- الوقف على (الذين كفروا ) فى قوله تعالى :
- إذ قال الله يا عيسى إنى متوفيك ورافعك إلى ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا ))
- فإن كان (( وجاعل الذين اتبعوك )) هو خطاب للنبى صلى الله تعالى عليه وسلم فإن الوقف على ( الذين كفروا ) يكون تاماً لأنه منقطع عما قبله
أما إذا كان الخطاب لعيسى ـ عليه السلام ـ فإنه لا وقف وهذا هو الالمختار والمشهور .
(3)الوقف على ( ملوكاً ) فى قوله تعالى :
((وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكاً وآتاكم ما لم يأت أحداً من العالمين ))
فإن كان الخطاب بعدها ( وآتاكم ...........) لأمة النبى ـ صلى الله تعالى عليه وسلم ـ فيكون الوقف على ( ملوكاً ) تام
أما إن كان الخطاب لأمة موسى ـعليه السلام ـ فلا وقف
وهذا هو المختار فى المصاحف على اعتبار أن المن والسلوى لم يؤت الله تعالى بهما أحدا غيرهم .
- الوقف على كلمة ( حجراً ) فى قوله تعالى :
((يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذٍ للمجرمين ويقولون حجراً محجوراً ))
فإن اعتبر أن ( محجوراً ) من كلام الله تعالى يكون الوقف على ( حجراً ) تام
فقد كان العرب تقول عند الرعب ( حجراً ) أى : نعوذ بالله ، فيرد الله تعالى عليهم ( محجوراً )
أى يحرم عليهم أن يعاذوا أو يجاروا .
أما غن اعتبر أن الكلام هو كلام الملائكة ( حجراً محجوراً ) أى : حراماً محرماً أن تكون لهم البشرى فعند ذلك لا وقف وهذا هو اختيار المصاحف .
(6)الوقف على كلمة ( شىء) فى قوله تعالى :
(( وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذى أنطق كل شىءٍ وهو خلقكم أول مرةٍ وإليه ترجعون ))
الوقف على ( شىء) تام لأن ما بعده من كلام الله تعالى ، وإن اعتبر أن ما بعده من كلام الجلود فلا وقف ، وهذا هو اختيار المصاحف .
(7)الوقف على ( سول لهم ) من قوله تعالى :
((إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم )
الوقف على ( سول لهم ) تام إن اعتبر أن الضمير فى ( وأملى ) عائدٌ إلى الله تعالى حيث أن الإملاء فى كل القرآن الكريم مسندٌ لله تعالى ، ( فأمليت للكافرين ) ، فيحسن قطعه من التسويل المسند للشيطان .
أما إن كان ما بعد نسق الكلام فيكون الضمير للشيطان فلا وقف ، وهو اختيار المصاحف .
(8)الوقف على ( ولدٌ ) فى قوله تعالى :
(( قل إن كان للرحمن ولدٌ فأنا أول العابدين ))
إن اعتبر أن ( إن ) بمعنى (ما ) فيكون التقدير : ((قل ما كان للرحمن ولد )) ثم انقطع الكلام فقال ( فأنا أول العابدين )
أما إن كانت (إن ) شرطية بمعنى : إن كان للرحمن ولدٌ على زعمكم فأنا أول العابدين لأننى موحد بل أول الموحدين وعندها لا وقف، وهذا هو اختيار المصاحف .
(9) الوقف على (النبى ) فى قوله تعالى :
(( يوم لا يخزى الله النبى والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شىءٍ قدير ))
إذا اعتبر أن ( والذين آمنوا معه) مبتدأ والخبر يكون ( نورهم يسعى ) فالوقف يكون تام
أما إن اعتبر أن ما بعده معطوف على ما قبله فلا وقف ،
فيكون المعنى : لا يخزى الله النبى، والذين آمنوا معه لا يخزون ، ويكون النور للنبى ـ صلى الله تعالى عليه وسلم ،والمؤمنين ، وهذا هو اختيار الإمام الدانى,
*** الوقف الكافى ***
الوقف على كلام تم فى ذاته ( أدى معنىً صحيحاً ) وتعلق بما بعده معنىً لا لفظاً
دليل الوقف الكافى : حديث ابن مسعود ـ رضى الله تعالى عنه ـ لما قال له النبى ـ صلى الله تعالى عليه وسلم : (( اقرأ على )) ............... حتى أتى إلى قول الله تعالى :
(( فكيف إذا جئنا من كل أمةٍ بشهيدٍ وجئنا بك على هؤلاء شهيداً )) قال حسبك ....... الحديث
والحديث دالٌ على استعماله لأن القطع على ( شهيداً ) كافٍ ، أى أنه أدى معنى ، لكن ما بعده متعلقٌ بما قبله ، لأن التمام على ( ولا يكتمون الله حديثاً ) وذلك لأنه انتهاء المشهد
** لماذا سمى كافياً ؟؟؟لأن ما بعده استغنى عنه لفظاً .
** حكمه : يحسن الوقف عليه والبدء بما بعده .
** رمزه : يرمز له فى المصحف بالرمز ( ج) ، وأحياناً ( صلى )لكنها أقل رتبةً
وكما سبق ذكره أن هناك مواضع كثيرة فى القرآن الكريم لم يوضع عليها علامة وقف وهى وقف كافٍ
** لماذا الرمز ( ج) ؟ قالوا لأنه مأخوذ من لفظة ( جواز الوصل وجواز الوقف بدون أفضلية وذلك تقتضى نفى العلاقة اللفظية مع احتمالية بقاء المعنى
أما عن سبب اختيار الرمز ( صلى) فهو يعنى أولوية الوصل مع جواز الوقف ، وجواز الوقف يقتضى نفى العلاقة اللفظية .
*** علامات الوقف الكافى **
غالباً ما يكون ما بعده :
(1)مبتدأ مثل أن نبدأ بـ (الله ) مثل قوله تعالى : ((وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزؤون (14) الله يستهزىء بهم ......))
نلحظ أن جملة (( الله يستهزىء بهم ........ )) جملة مستأنفة ، والعلاقة اللفظية بينها وبين ما سبقها علاقة منفية أى : لا علاقة لها بما قبلها من ناحية اللفظ ( الاعراب ) بمعنى أن ( الله يستهزىء بهم . ) لا تعرب شيئاً لما قبلها ، فهى ليست حالاً ولا صفةً ولاخبراً ولا ......
ولفظ الجلالة مبتدأ ، وخبره جملة ( يستهزىء بهم )
أما من حيث المعنى فالمعنى متصل فالكلام لا زال عن المنافقين والدليل الضمير ( بهم ) فهو يعود على ما سبق ذكرهم .
(2)فعلاً كأن نبدأ بـ ( كان ) من قوله تعالى ( ( وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتماً مقضياً ))
فمن حيث العلاقة اللفظية ( الاعراب ) لا علاقة ـ علاقة منفية ـ وجملة ( كان على ربك حتماً مقضياً ) مستأنفة ولا علاقة لها بما قبلها لفظاً فـ ( كان ) لا تعرب شيئاً لما قبلها
أما من حيث تعلق المعنى فالكلام إشارة لما سبق ذكره بشأن ورود النار والوقوف على الصراط
(3)مصدراً كأن نبدأ بـ (وعد ) فى قوله تعالى (( لكن الذين اتقوا ربهم لهم غرفٌ من فوقها غرفٌ مبنيةٌ تجرى من تحتها الأنهار وعد الله لا يخلف الله الميعاد ))
فكلمة ( وعد ) مصدر للفعل ( وعد )
فمن حيث نفى العلاقة اللفظية بين جملة ( وعد الله . ) وما سبقها نعم لا علاقة ن وهى جملة مستأنفة
أما من حيث تعلق المعنى فالكلام إشارة لما سبق ذكره بشأن تبشير الله تعالى للذين اتقوا بغرف الجنة ، وذلك وعدٌ من رب العالمين الذى هو سبحانه وبحمده لا يخلف الميعاد
(4)مفعولاً لفعلٍ محذوف كأن نبدأ بـ (سنة) من قوله تعالى ((ما كان على النبى من حرجٍ فيما فرض الله له سنة الله فى الذين خلوا من قبل ..))
نجد أن جملة (سنة الله .) مستأنفة وكلمة ( سنة ) مفعول به لفعل محذوف تقديره ( سن الله سنته فى الذين خلوا من قبل فلا علاقة لفظية بين ( سنة ) وما سبقها
لكن من حيث تعلق المعنى فالكلام إشارة لما سبق ذكره بشأن ما فرضه الله تعالى للنبى ـ صلى الله تعالى عليه وسلم ـ .
(5)نفياً كأن نبدأ بـ (لا الشمس ) من قوله تعالى (( والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم (39) لا الشمس ينبغى لها أن تدرك القمر .........))
جملة ( لا الشمس ينبغى لها أن تدرك القمر .)مستأنفة والمعنى لا زال متصلاً حول منازل القمر ولا علاقة لها بما قبلها لفظاً .
(6)إن المخففة مكسورة الهمزة كأن نبدأ بـ (إن ) من قوله تعالى ((أمن هذا الذى هو جندٌ لكم ينصركم من دون الرحمن إن الكافرون إلا فى غرور ))
فجملة ( إن الكافرون ) مستأنفة لا علاقة لها بما قبلها من حيث الاعراب ( اللفظ ) لكن لا زال المعنى متصلاً فالكلام لا زال حول الكافرين .
- بل كأن نبدأ بـ (بل ) من قوله تعالى ((وقالوا قلوبنا غلف بل لعنهم الله بكفرهم فقليلاً ما يؤمنون ))
- فجملة ( بل لعنهم .) مستأنفة فلا علاقة لها بما قبلها لفظاً ، لكن المعنى لا زال متصلاً حيث أن رب العالمين يرد على الذين قالوا ( قلوبنا غلف ) بأنه سبحانه وتعالى لعنهم بسبب كفرهم .
(8)ألا المخففة كأن نبدأ بـ ( ألا ) من قوله تعالى (( قالوا أنؤمن كما ءامن السفهاء ألا إنهم هم السفهاء .............))
فجملة ( ألا إنهم هم السفهاء .) مستأنفة فلا علاقة لفظية بينها وبين ما سبقها ، أما من حيث المعنى فلا زال هناك اتصال وتعلق معنوى فالكلام عن المنافقين القائلين ( أنؤمن كما آمن السفهاء ) فرد تعالى عليهم بأنهم هم السفهاء الجهلاء .
(9)إنَّ المشددة كأن نبدأ بـ ( إنّ الله بما تعملون خبيراً )
فجملة ( إن الله كان ....) مستأنفة ، ولا علاقة لها بما قبلها لفظاً ، لكن المعنى لا زال متصلاً حول علم الله تعالى لمن اتبع الوحى والتزم به .
(10) النداء كأن نبدأ بـ ( ياأيها الذين آمنوا ) من قوله تعالى (( إن الله وملائكته يصلون على النبى ياأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً ))
فجملة ( ياأيها الذين آمنوا ) مستأنفة ، ولا علاقة لها بما قبلها لفظاً ، أما المعنى فلا زال متصلاً بشأن الحث على الصلاة على النبى ـ صلى الله تعالى عليه وسلم ـ وما فيها من عظيم الأجر والثواب .
(11)واو الاستئناف مع اتصال المعنى كأن نبدأ بـ ( وما كان ) من قوله تعالى (( أولم يسيروا فى الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذيت من قبلهم وكانوا أشد منهم قوةً وما كان الله ليعجزه من شىءٍ فى السماوات ولا فى الأرض إنه كان عليماً قديراً ))
فجملة ( وما كان الله ليعجزه ..) جملة مستأنفة ، فلا علاقة لفظية لها بما قبلها ، أما المعنى فلا زال متصلاً عن من سبق ذكرهم
*** لطائف بين القراء بين الوقف التام والكافى ***
(1)الوقف على ( وبصلها ) من قوله تعالى : ((فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها قال أتستبدلون الذى هو أدنى بالذى هو خير .......))
فإن كان (أتستبدلون الذى .) من قول الله تعالى فالوقف يكون تاماً
وإن كان من قول موسى ـ عليه السلام ـ لأنه غضب حين سألوه هذا فالوقف يكون كافٍ ،وهذا هو المختار .
(2)الوقف على( خير ) من قوله تعالى : (( أتستبدلون الذى هو أدنى بالذى هو خير اهبطوا مصراً فإن لكم ما سألتم ))
الوقف يكون تاماً إن جعل ( أتستبدلون الذى هو أدنى بالذى هو خير ) من قول موسى ـ عليه السلام ـ ، وقوله ( اهبطوا مصراً . ........) من قول الله تعالى .
ويكون الوقف كافٍ إن جعل ( أتستبدلون الذى ... ) و ( اهبطوا ) من قول الله تعالى
أو جعل ( أتستبدلون ) و ( اهبطوا ) من قول موسى ـ عليه السلام .
(3)الوقف على (سلامٌ ) من قوله تعالى : ((تحيتهم يوم يلقونه سلامٌ وأعد لهم أجراً كريماً ))
الوقف يكون تاماً إن جعلت الهاء فى قوله ( يلقونه ) لملك الموت
دليل ذلك : قول البراء بن عازب ـ رضى الله تعالى عنه ـ لا يُقبض روح مسلمٍ إلا سُلم عليه
ويكون الوقف تام أيضاً إن جعلت للملائكة أى تحييه وتبشره عند موته
دليل ذلك قول الله تعالى : (والملائكة يدخلون عليهم من كل باب .....)
ولكن الوقف يكون كافٍ إن اعتبر الكلام من قول الله تعالى
أى يوم يلقون الله تعالى والوقف الكافى هو اختيار المصاحف .
*** الوقف الحسن ***
تعريفه / هو الوقف على كلام يحسن الوقف عليه ، وتعلق بما بعده لفظاً .
وكلمة ( يحسن الوقف عليه ) تعنى أنه كلام أدى فائدة يحسن الوقف عليها .
ومن المعلوم أن التعلق اللفظى يترتب عليه تعلق معنى ، وليس العكس فلا يلزم من التعلق المعنوى تعلق اللفظ .
دليل الوقف الحسن : ما ثبت بإسناد متصل عن أمنا أم سلمة ـ رضى الله تعالى عنها ـ لما سئلت عن قراءة النبى ـ صلى الله تعالى عليه وسلم ـ قالت : كانت يقطع قراءته آية آية : (( بسم الله الرحمن الرحيم (1)الحمد لله رب العالمين (2) الرحمن الرحيم (3) ملك يوم الدين (4) ))
وهذا الحديث كما أسلفنا أصلٌ معتمدٌ فى سنية الوقف على رؤوس الآيات
ويحتمل وقف النبى ـ صلى الله تعالى عليه وسلم ـ أنه لبيان الفاصلة أو لبيان سنيته ، وهذا الاحتمال هوسبب جواز الوقف الحسن على رؤوس الآيات .
*** سبب تسميته ( حسن ) **
سمى بذلك لأنه يفيد معنى يحسن السكوت عليه
رمزه / الأصل أنه لا يوجد بعده علامة وذلك للتعلق اللفظى بما بعده
إلا أن بعض العلماء يرى أن مصطلح ( صلى ) أقرب المصطلحات وذلك بالاحتمال الراحج للتعلق اللفظى
*** حكمه / يحسن الوقف عليه لكن يبدأ بما قبله ، وإن كان البدأ بما بعده فيه تفصيل :
البدأ بما بعده له حالتين :
**الحالة الأولى / أن يكون على غير رأس آية
وفى هذه الحالة يقبح البدأ بما بعده وذلك للتعلق اللفظى ، لذلك يبدأ بما قبله من حيث يحسن البدأ
** الحالة الثانية / أن يكون على رأس آية
وحكمه أنه يحسن البدء بما بعده على الرأى المختار سواء أكان هناك إخلال ظاهر بالمعنى
أو عدم إخلال بالمعنى
قال بن الجزرى :
................................ إلا رؤوس الآى جوز فالحسن
والأمر يحتاج توضيح
** الحالة الأولى : إذا كان على غير رأس آية
الحكم كما سبق : يحسن الوقف عليه والبدأ بما قبله من حيث يحسن البدء، ويقبح البدء بما بعده نظراً للتعلق اللفظى
مثال ذلك
** الوقف على ( الحمد لله ) من قوله تعالى ( الحمد لله رب العالمين )
الوقف حسن لأنه أدى معنى يحسن الوقف عليه
لكن البدء قبيح لأننا بذلك نكون فصلنا بين النعت والمنعوت.
** الوقف على (جناتٌ ) من قوله تعالى ( جناتٌ تجرى من تحتها الأنهار )
الوقف حسن وذلك لحسن المعنى
لكن البدء قبيح وذلك للفصل بين الصفة وهى جملة (تجرى من تحتها الأنهار ) والموصوف وهى ( جناتٌ )
** الوقف على (خلقناكم ) من قوله تعالى ( ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم)
فالوقف حسن ، لكن البدء بما بعده قبيح وذلك لأننا نكون فصلنا بين المعطوفات وهى جملة ( خلقناكم ) وجملة ( صورناكم )
**الوقف على (فسجدوا ) من قوله تعالى ( فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين )
الوقف حسن لأنه أدى معنى ، لكن البدء قبيح وذلك للفصل بين المستثنى ( إبليس )والمستثنى منه( الملائكة )
ملاحظة مهمة جداً فى حال البدء بما قبله لا يلزم البدء بما قبله مباشرةً إنما نبدأ من حيث يحسن البدء
مثال ((يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم إن كنتم خرجتم جهاداً فى سبيلى وابتغاء مرضاتى ))
الوقف على ( وإياكم ) حسن لأنه أدى معنى ،والبدء قبيح لأن ( يخرجون ) متعلقة بالمصدر المؤول ( أن تؤمنوا ) لكن البدء بما قبله مباشرةً يوهم غير المراد
( وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم ) فقد يفهم على أنه تحذير من الإيمان بالله ـ عياذاً بالله تعالى ـ
** الوقف على ( فقير ) من قوله تعالى ( لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقيرٌ ونحن أغنياء )
الوقف حسن والبدء بما بعده قبيح لأننا فصلنا بين المعطوفات ( جملة مقول القول )
كذلك البدء بما قبله مباشرةً قبيح ( إن الله..........)
** الحالة الثانية :أن يكون على رأس آية
والحكم أنه يحسن الوقف عليه لكن لا يبدْ بما بعده
توضيح ذلك:
نماذج لا يكون فيها إخلال بالمعنى مع وجود التعلق اللفظى :
الوقف على ( رب العالمين ) الوقف حسن لأنه أدى معنى يحسن الوقف عليه ، وكذلك البدءحسن لأنه على رأس آية مع وجود التعلق اللفظى فقد فصل بين النعت والمنعوت
الوقف على ( يفرح المؤمنون ) من قوله تعالى L فيومئذٍ يفرح المؤمنون (4) بنصر الله )
الوقف على ( المؤمنون ) حسن والبدء حسن لكونه رأس آية مع وجود التعلق اللفظى وهو الفصل بين الجار والمجرور
الوقف على ( والآصال ) من قوله تعالى (( يسبح له فيها بالغدو والآصال (36) رجالٌ لا تلهيهم تجارةٌ ولا بيعٌ عن ذكر الله...))
الوقف حسن ، والبدء حسن لأنه رأس آية مع وجود التعلق اللفظى وهو الفصل بين الفعل والفاعل
** أمثلة يكون فيها إخلال بالمعنى مع وجود التعلق اللفظى :
الوقف على قوله تعالى ( للمصلين ) والابتداء بقوله تعالى ( الذين هم عن صلاتهم ساهون )
الوقف حسن ليس لأنه أدى معنى يحسن الوقف عليه ،بل حسن لأنه من السنة الوقف عليه
إذن الوقف حسن والبدء أيضاً حسن لأنه رأس آية
المعنى يوهم أن الويل للمصلين ،والمعلوم أن ذلك مقيد بالآيات التى تليها لكنهم جوزوا الوقف لكونه رأس آية
الوقف على ( خسر ) من قوله تعالى (( والعصر (1) إن الإنسان لفى خسرٍ (2) إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر(3) ))
الوقف حسن ليس لأنه أدى معنى يحسن الوقف عليه فالمعنى يوهم بأن الإنسان فى خسران ، والمعلوم أن ذلكمقيد بالآيات التى تليها والتى فيها الاستثناء بـ ( إلا الذين ....)
الوقف على (معكم ) من قوله تعالى ( ولئن أصابكم فضلٌ من الله ليقولن كأن لم تكن بينكم وبينه مودةٌ يا ليتنى كنت معهم فأفوز فوزاً عظيماً )
فالوقف حسن لأنه أعطى فائدة يحسن الوقف عليها ولا يجوز البدء بما بعده للتعلق اللفظى وذلك لمكانة ( فاء التمنى 9 البتى تربط بين الجملتين ويكون الابتداء من قوله تعالى ( ليقولن كأن لم تكن .......)
لأنه لا يليق أن نبدأ بـ ( يا ليتنى كنت معهم فأفوز فوزاً عظيماً ) ، لأنه لا ينسب الشىء إلا لصاحبه
*** الوقف القبيح ***
** تعريفه / هو الوقف على كلام لا يؤدى معنى صحيح ولا يفيد معنى وذلك لشدة تعلقه بما بعده لفظاً ومعنى .
قال الإمام ابن الجزرى :
وغير ما تم قبيحٌ وله يوقف مضطراً ويبدا قبله
** الأصل فيه ما ذكره ابن الجزرى عن عدى بن حاتم قال : جاء رجلان إلى رسول الله ـ صلى الله تعالى عليه وسلم ـ فتشهد أحدهما فقال : من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما ،فقال رسول الله ـ صلى الله تعالى عليه وسلم ـ : (( قم أو اذهب بئس الخطيب أنت )) رواه مسلم
قال الحافظ أبو عمرو ـ رحمه الله تعالى ـ :ففى هذا الخبر إيذان بكراهية الوقف على المستبشع من اللفظ المتعلق بما يبين حقيقته ويدل على المراد منه ، لأنه ـ صلى الله تعالى عليه وسلم ـ إنما أقام الخطيب لما قطع على ما يقبح لأنه بقطعه جمع بين حال من أطاع وحال من عصى ولم يفصل بينهما وإنما كان ينبغى له أن يقطع على قوله ( فقد رشد ) ثم يستأنف ما بعد ذلك ويصل كلامه إلى آخره .
وإذا كان هذا مستبشعاً فى الكلام الجارى بين المخلوقين ، فهو فى كتاب الله تعالى أشد كراهيةً واستبشاعاً وأحق وأولى أن يتجنب .
**حكمه / يحرم تعمد الوقف عليه إلا لضرورة ملحة مثل انقطاع النفس أو العطاس أو السعال وغيره لكن يبدأ بما قبله .
ــ قال أبو بكر النحاس : ولا ينبغى أن يحتج بأن نيته ـ وإن وقف ـ غير ذلك فإنه مكروه عند العلماء بالكتاب والسنة .
وأقوال الصحابة الكرام تدل على ذلك ، فقد أنكر النبى ـ صلى الله تعالى عليه وسلم ـ على الرجل ولم يسأل عن نيته ، ولا ما أراد .
*** رمزه / الأصل أنه لا يوضع له علامة وذلك لكثرته ، فلا تكاد تخلو آية من وقف قبيح ، وقد رمز له فى المصحف بالرمز ( لا ) وهذا الرمز لم يستقص كل مواضع الوقف القبيح ، إنما هى مواضع منتقاة
ــ والسؤال : لما خصت هذه المواضع فى المصاحف دون غيرها ؟
والجواب : أولاً لدفع توهم معنى غير مراد
( ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنك إذاً لمن الظالمين )
فالوقف على( العلم ) والبدء بـ ( إنك إذاً لمن الظالمين ) يوهم غير المراد ـ حاشاه ـ ـ صلى الله تعالى عليه وسلم ـ
وثانياً لأنه محل سقوط البعض فى هذا الوقف وذلك لطول المسافة مع عدم الانتباه بأن العلاقة اللفظية لا زالت مستمرة .
*** أنواع الوقف القبيح ***
على ثلاثة أنواع :
(1)لا يؤدى إلى فائدة (2) لا يؤدى معنى صحيحاً (3) يخل بالعقيدة
*** النوع الأول : لا يؤدى إلى فائدة :
كأن نقف على ( بسم ) من قوله تعالى (بسم الله الرحمن الرحيم )
لأنه لا يؤدى فائدة يحسن السكوت عليها ، ولذلك قبح الوقف .
وكالوقف على ( الحمد ) من قوله تعالى ( الحمد لله رب العالمين )
أيضاً لأنه لا يؤدى فائدة يحسن السكوت عليها ولذلك قبح الوقف .
وكالوقف على (ملك يوم ) من قوله تعالى ( ملك يوم الدين )
لأنه لا يؤدى فائدة يحسن السكوت عليها ، ولذلك قبح الوقف
*** النوع الثانى : لا يؤدى معنى صحيحاً :
وهذا الوقف يترتب عليه إخلالٌ بالمعنى دون العقيدة ، وهو يلى النوع الأول فى القبح
مثل الوقف على ( ولأبويه ) من قوله تعالى ( وإن كانت واحدةً فلها النصف ولأبويه لكل واحدٍ منهما السدس مما ترك )
فالوقف على ( ولأبويه ) معناه أن الوالدين مشتركين فى النصف مع البنت ، وهذا ليس المراد إنما النصف لها ، الوالدين لكل واحدٍ منهما السدس
وكذلك الوقف على (له ) من قوله تعالى ( للذين استجابوا لربهم الحسنى والذين لم يستجيبوا له لو أن لهم ما فى الأرض جميعاً ومثله معه لافتدوا به ....)
فالوقف على ( له ) يوهم المشاركة بين الذين استجابوا لربهم والذين لم يستجيبوا لربهم ، وهذا خلاف المراد وغير المعنى .
وأيضاً الوقف على ( هارون ) من قوله تعالى ( قال رب إنى قتلت منهم نفساً فأخاف أن يقتلون (33) وأخى هارون هو أفصح منى لساناً .....)
***النوع الثالث : يخل بالعقيدة :
وهذا الوقف من أبشع الوقفات لما يترتب عليه الوقف تارة أو الابتداء من الإخلال بالعقيدة وإيهام ما لا يليق بالله تعالى أو رسوله .
كالوقف على ( أبعث ) والابتداء بـ ( الله ) من قوله تعالى ((.......إلا أن قالوا أبعث الله بشراً رسولاً ))
وأشد ما يكون القبح عند الوقف على المنفى الذى بعده حرف الإيجاب ( إلا )
كالوقف على ( لا إله ) من قوله تعالى ( لا إله إلا الله ) وكالوقف على (أرسلناك ) من قوله تعالى ( وما أرسلناك إلا مبشراً ونذيراً ))
وكالوقف على ( ذلك ) من قوله تعالى ( ما خلق الله ذلك إلا بالحق )
وكالوقف على (وقالوا ) والبدء بـ ( اتخذ ) من قوله تعالى ( وقالوا اتخذ الله ولداً )
وكالوقف على ( النصارى ) والبدء بـ ( المسيح ) من قوله تعالى ( وقالت النصارى المسيح ابن الله )
*** وقف التعسف ***
تعريفه :
هو وقف متكلف من بعض القراء أو يتأوله بعض أهل الأهواء رغبةً فى إغراب السامع ، دون النظر إلى معانى الآيات ومقاصدها
ومن أمثلة ذلك :
الوقف على ( فلا جناح ) من قوله تعالى ( إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ......)
فيقف القلرىء على ( فلا جناح ) ويبدأ بـ ( عليه أن يطوف بهما ) فيدل ذلك على وجوب السعى ، والآية لا تدل على ذلك إذ الأصل أن الأنصار كانوا يتحرجون من السعى بين الصفا والمروة لأنه كان عليهما صنمان ـ إساف ونائلة ـ وكان أهل الجاهلية يطوفون بين الصفا والمروة تعظيماً للصنمين ، وكان المسلمون يتحرجون من السعى فأنزل الله تعالى الآية لرفع الحرج وليس لتوجب السعى ، فإذا بدأ القارىء ( عليه أن يطوف بهما ) فإن ذلك يوهم غير المراد .
والوقف على ( لا تشرك ) والبدء بقوله ( بالله إن الشرك لظلمٌ عظيم ) من قوله تعالى ( وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بنى لا تشرك بالله إن الشرك لظلمٌ عظيم )
لأن المتبادر من أسلوب الآية أن الباء متعلقة بـ ( تشرك ) لأنه إذا قال للابن ( يا بنى لا تشرك ) ولم يقل ( بالله ) فإن الولد يكون مبلبل الفكر حائر النفس لأنه لم يفهم أن مراد أبيه تخصيص الشرك ، وجملة (إن لشرك لظلمٌ عظيم ) جملة مستأنفة سيقت تعليلاً للنهى عن الشرك .
والوقف على ( أنت ) والبدء بـ ( مولانا فانصرنا على القوم الكافرين )
من قوله تعالى ( ...واعف عنا واغفر لنا وارحمن أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين )
ففى الوقف على ( أنت ) إشارة ولو من بعيد بأن غير الله تعالى يملك الغفران ، وما ذلك بصحيح ، فلا يملك الغفران غير الله تعالى .
الوقف على ( حقاً ) والبدء بـ ( علينا ) من قوله تعالى ( فانتقمنا من الذين أجرموا وكان حقاً علينا نصر المؤمنين )
لأن هذا الوقف مخاف لقواعد البلاغة ، فمن مواضع الوصل وهو عطف جملة على أخرى أن يكون بين الجملتين توسط بين الكمالين باتفاق الجملتين خبراً وإنشاءً ، وليس فى العطف مل يؤدى إلى فساد المعنى ، فلو أراد الشارع المعنى المتولد على الوقف لعطف كما عطف فى مواضع أخرى فيقال ( وعلينا نصر المؤمنين ) كما أننا لسنا بحاجة إلى بيان أن انتقامه من المجرمين حقٌ ، فالبراهين العقلية والنقلية قد دلت على اتصافه ـ جل وعلا ـ بالعدل
والوقف على ( يشاء ) والبدء بـ (ويختار ) من قوله تعالى ( وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة ......)
فالمعنى يتوهم أن الله تعالى يختار ما يخنارون ، على أن ( ما ) موصولة أى بمعنى الذى ، وليس هذا بصحيح إنما الصواب أن ( ما ) هنا نافية وليست موصولة ، فالمعنى أنهم ليس لهم الخيرة ، فكل شىءٍ يجرى وفق مشيئته تعالى وإرادته .
**************